ما بين الضوء والظل
مزن سنان المسلماني
ما بين الضوء .. والظل.
الشعر تلفت الروح إلى اللحظة الهاربة.
هكذا يفتتح الشاعر القطري سنان المسلماني
وأول مجموعاته الشعرية "مزن". سنان الذي يكتب منذ طويلة ،
منذ ثمانينات القرن العشرين ، لم ينشر أول أعماله إلا في الألفية الثانية عام 2003.
لم يكن صامتاً طوال تلك العقود الزمنية ، كان يكتب ، يرسم، ويمثل
غير أن القصائد بقيت حبيسة حياء ما حتى تراكمت وطال تراكمها
فقرر أن يبدأ من حيث انتهى وأن تكون قصائده الأخيرة هي أول أعماله الشعرية.
يقول : " لذ له الإصغاء إلى خاتمة القول
بلا بداية منتقاة
فأنهار سقف الانتباه على جفاف الصمت ".
ينسج عبر قصائده القصيرة مجموعته الشعرية في 146 مقطع ،
كأنها كلها تخرج من جوف سحابة تنظر إلى هذا العالم.
وترى تلك السحابة بحكمة عجوز قول الحياة عبر عناصر الطبيعة
من الرمل إلى البحر إلى العشب والشجر قبل أن تقول ما يقوله البشر عن البشر.
كأنها عتمة الخلق الأول :
" هذه العتمة
تلد العتمة
هذه العتمة
تلد الخوف
هذه العتمة
شجر وارف
يطعم الجائعين ثمار صمته المهيب ".
في سنان المسلماني رومانسية تائهة قديمة.
تذكرك بالعشاق اللذين نسوا أنفسهم على جسور بللها المطر.
رومانسية غير مدعاة ولا ملفقة ، تأتي من عمق الروح والحلم.
يقول : " حين تعودين إلي
يعود الماء نشواناً إلى حلقي
تعشب حقول الرضاب ".
لغة الطبيعة هي لغة الشعر لدى سنان.
كل شيء يمكن وضعه وبثه بها ، فقط.
لا حاجة لمفردات جاهزة من صنع البشر.
" رفع الشرطي يده في الشارع
فتوقفت غيمة في سماء الوطن ".
ينشغل سنان بالأنوثة بطريقته ،
موازياً بين مفردات الأنوثة والطبيعة :
" كم من الأزهار في حديقة الفتاة
تنتظر القطف إلا واحدة
كانت تخفي التويج في القلب ".
روح الهايكو الياباني تسكن قصائد " مزن".
لغة الطبيعة نفسها التي طبعت حكمة الشعر وجمالاياته
وخصوصاً في الشعر الصيني والياباني القديم تأخذ ملامحها بطريقة أخرى
عبر قصائد " مزن". لغة البياض أيضاً والمسافة المرسومة ما بين الحبر ،
الكلمات المختزلة ، وفضاء البياض في صفحات القصائد التي تتوالد
مثل براعم صغيرة تتبع بعضها البعض.
للسخرية نصيبها في دفتر أحلام مزن ، سخرية مختصرة تقول :
" الحداثة طبول
لقبائل تأكل اللحم ولا تفتر".
ولا شيء يلخص روح الشاعر مثل قوله :
" هذا الفتى المدجج بالأسئلة
الوجلى
لذ له الانكفاء على قلة الصبر
ووهاد الأجوبة المبهمة ".
أو كقوله في غيابه الحي هو الذي يراقب ويرى ولا يرى :
" كم غيمة علي أن أحصي
كم عشبة علي أن أوقظ
كم لحظة علي أن أساير
كي تلتفتي إلى الذي سقط من حقيبة قلبك ".
ينضم سنان المسلماني عبر أشعاره " مزن" إلى شعراء قصيدة النثر في الخليج.
يختصر كلمات قصائده ، يحولها إلى لغة طبيعة تأمل في أن يرى قارئها ما ورائها.
يمازج بين صوفيته ورومانسيته التائهة مع ميراث جزل فيه روح الهايكو
كما فيه روح الشاعر الجاهلي ومعلقاته :
امرؤ القيس إذ يحيي الأرض وأبصالها في صوره.
المشهدية مشهدية روح تختصر ماتراه دون سرد أو ثرثرة ،
دون لجوء للغة اليومي والمعاش ، روح تكابد عناءها مخلصة لعناصرها الأولى.
هل كانت اللغة هكذا ، أم أنها كانت بشكل ما ، ومبهم بعض الشيء ،
قناع آخر يحاول أن لا تفلت منه الكلمات.
"مزن" ، عمل شعري متميز في حميميته يضاف إلى قصيدة النثر الجديدة
دون أن يلجأ إلى مخالب اليومي ، والمعاش ، والمبتسر.
القاهرة / منقول عن مدونة روح الشاعره
للكاتبه والشاعره الاماراتيه ظبيه خميس
4 أكتوبر 2005
كل الالق للصديقة العزيزه ظبيه / كلثم عبدالله
مزن سنان المسلماني
ما بين الضوء .. والظل.
الشعر تلفت الروح إلى اللحظة الهاربة.
هكذا يفتتح الشاعر القطري سنان المسلماني
وأول مجموعاته الشعرية "مزن". سنان الذي يكتب منذ طويلة ،
منذ ثمانينات القرن العشرين ، لم ينشر أول أعماله إلا في الألفية الثانية عام 2003.
لم يكن صامتاً طوال تلك العقود الزمنية ، كان يكتب ، يرسم، ويمثل
غير أن القصائد بقيت حبيسة حياء ما حتى تراكمت وطال تراكمها
فقرر أن يبدأ من حيث انتهى وأن تكون قصائده الأخيرة هي أول أعماله الشعرية.
يقول : " لذ له الإصغاء إلى خاتمة القول
بلا بداية منتقاة
فأنهار سقف الانتباه على جفاف الصمت ".
ينسج عبر قصائده القصيرة مجموعته الشعرية في 146 مقطع ،
كأنها كلها تخرج من جوف سحابة تنظر إلى هذا العالم.
وترى تلك السحابة بحكمة عجوز قول الحياة عبر عناصر الطبيعة
من الرمل إلى البحر إلى العشب والشجر قبل أن تقول ما يقوله البشر عن البشر.
كأنها عتمة الخلق الأول :
" هذه العتمة
تلد العتمة
هذه العتمة
تلد الخوف
هذه العتمة
شجر وارف
يطعم الجائعين ثمار صمته المهيب ".
في سنان المسلماني رومانسية تائهة قديمة.
تذكرك بالعشاق اللذين نسوا أنفسهم على جسور بللها المطر.
رومانسية غير مدعاة ولا ملفقة ، تأتي من عمق الروح والحلم.
يقول : " حين تعودين إلي
يعود الماء نشواناً إلى حلقي
تعشب حقول الرضاب ".
لغة الطبيعة هي لغة الشعر لدى سنان.
كل شيء يمكن وضعه وبثه بها ، فقط.
لا حاجة لمفردات جاهزة من صنع البشر.
" رفع الشرطي يده في الشارع
فتوقفت غيمة في سماء الوطن ".
ينشغل سنان بالأنوثة بطريقته ،
موازياً بين مفردات الأنوثة والطبيعة :
" كم من الأزهار في حديقة الفتاة
تنتظر القطف إلا واحدة
كانت تخفي التويج في القلب ".
روح الهايكو الياباني تسكن قصائد " مزن".
لغة الطبيعة نفسها التي طبعت حكمة الشعر وجمالاياته
وخصوصاً في الشعر الصيني والياباني القديم تأخذ ملامحها بطريقة أخرى
عبر قصائد " مزن". لغة البياض أيضاً والمسافة المرسومة ما بين الحبر ،
الكلمات المختزلة ، وفضاء البياض في صفحات القصائد التي تتوالد
مثل براعم صغيرة تتبع بعضها البعض.
للسخرية نصيبها في دفتر أحلام مزن ، سخرية مختصرة تقول :
" الحداثة طبول
لقبائل تأكل اللحم ولا تفتر".
ولا شيء يلخص روح الشاعر مثل قوله :
" هذا الفتى المدجج بالأسئلة
الوجلى
لذ له الانكفاء على قلة الصبر
ووهاد الأجوبة المبهمة ".
أو كقوله في غيابه الحي هو الذي يراقب ويرى ولا يرى :
" كم غيمة علي أن أحصي
كم عشبة علي أن أوقظ
كم لحظة علي أن أساير
كي تلتفتي إلى الذي سقط من حقيبة قلبك ".
ينضم سنان المسلماني عبر أشعاره " مزن" إلى شعراء قصيدة النثر في الخليج.
يختصر كلمات قصائده ، يحولها إلى لغة طبيعة تأمل في أن يرى قارئها ما ورائها.
يمازج بين صوفيته ورومانسيته التائهة مع ميراث جزل فيه روح الهايكو
كما فيه روح الشاعر الجاهلي ومعلقاته :
امرؤ القيس إذ يحيي الأرض وأبصالها في صوره.
المشهدية مشهدية روح تختصر ماتراه دون سرد أو ثرثرة ،
دون لجوء للغة اليومي والمعاش ، روح تكابد عناءها مخلصة لعناصرها الأولى.
هل كانت اللغة هكذا ، أم أنها كانت بشكل ما ، ومبهم بعض الشيء ،
قناع آخر يحاول أن لا تفلت منه الكلمات.
"مزن" ، عمل شعري متميز في حميميته يضاف إلى قصيدة النثر الجديدة
دون أن يلجأ إلى مخالب اليومي ، والمعاش ، والمبتسر.
القاهرة / منقول عن مدونة روح الشاعره
للكاتبه والشاعره الاماراتيه ظبيه خميس
4 أكتوبر 2005
كل الالق للصديقة العزيزه ظبيه / كلثم عبدالله