جواهر
بارض الحب , ارض الخير, ارض العطاء كاهلها الطيبين
ارض الدليب , ارض الطنبور, ارض النخيل والسواقى التنوح فى عز الليل تغنى,
هى ديار الشايقية العامرة بتاريخها وبتراثها الزاخر كالا لماظ الناصع .
حبى لهذه الارض الجميلة منذ كنت طفلة يافعة , عشت فى قرية يحدها النيل من الجانب الغربى, وجبل كلون كاكول من الجهة الشرقية وتحفها من ناحية النهر النخيل و السواقى .قرية امدرق هذه القرية الجميلة الى ناحية الشرق من قريتنا والى الشمال مدينة البرصة.
اعيش فى بيت يغمره الخير والحب والعطاء, ابوى على وامى عرفة هما سقف بيتنا الذى اعتمر باربع اخوات واخوين, كنت الصغيرة بين البنات والفرق بينى وبين اختى جواهر 12 سنة.
اتذكر الحلة كلها , كانت كاسرة واحدة , لا يكاد فرد منهم ينقطع عن بيتنا الكبير الا اذا كان مريضا او على حالة سفر
كانت الراكوبة التى تتوسط الحوش مفتوحة على جوانبها فيها اربعة عناقريب هباب ودوكة عواسة على الطرف .
عادة يبدا يومى منذ الصباح بالذهاب الى المدرسة مع امانى وامل وحنان.
يجن غاشياتنى ونتقاود على المدرسة.
كانت ناطرتنا اسمها امنة بت حجر اهلها من الحلة الجنبنا, كانت صعبة وقاسية, بعكس مدرستنا الاسمها السيدة , كانت لطيفة , ظريفة ومحبوبة.
نهاية المدرسة مع بداية الضهرية, اجى راجعى البيت القى نسوان الحلة متلمات فى بيتنا فوق القهوة , داك يا بكرى وداك ياتنى وداك ياتلتاوى والبركة , ضاربات الهمبريب , راصات الهبابات لصق بعض , امى عرفة ست القلوة واميرة الجلسة, وجنبها زينب بت الحرم ترمى فى الودع , وبخور التيمان مشعلق فى الهوا.
ابوى على دائما كان يجى قريب التلتاوى ومعاه عمى سعد وحاج احمد ,محمود اسماعيل, مرات اجو متأخرين القو الجبنة فاتتن.
كنت مع بعض صبيات الحى تعجبنا ريحة القلوة ونجرى لامى عرفة تشممنا زى ما بتشمم الكبار , وتلفح دخان القهوة بايدها فى اتجاهى وهى تدعو لى بالخير والبركة, ونرجع نواصل اللعب فى طرف الراكوبة.
تلك كانت لوحة بيتنا فى بيئة القرية وصورة مجتمعنا بروعة اهله وتماسكهم وبساطة حياتهم فى حب وود .
اخواتى الكبار متزوجات اتنين منهن فى الخرطوم واتنين فى البلد, اما اخوانى عبد العزيز فى الخرطوم وعثمان برا البلد .
الترابط الاسرى متين وحب الناس فيما بينهم يزداد فى كل مناسبة اجتماعية , اهل القرية يتشاركون حتى السمر والقصص المتبادلة .يتشاركون فى هموم بومهم وغدهم , يفكرون فى المسافر البعيد الذى لم يبعث بخطاب , والمسافر القريب الذى ترك الولد والاحباب , واخبار عودة الغايبين حلم الاهل وفرح كل القرية حتى الصغار الذين لم يعرفو عن الغائب الا اسمه , لكن العائد من السفر كمن يحيى املا ما لدى الاهل ويبشر بشىء ما لكل فرد من افراد القرية .
وفى عز هذه الحكاوى تتواتر الونسة عن ود ابوى على ود الفكى ود الجيران الذى اغترب فى السعودية لاكثر من ست سنوات وانه على وشك الحضور .
سمعنا انو البابكر جايى بعد غربة طويلة , والدليل ناس ابوى على ود الفكى يجلطوا فى بيت الطين , وامو كلمت ناس الحلة .ومحاسن بت فتح الرحمن طلقت الخبر بيت بيت ما خلت زولا ما عرف. حتى الشفع الصغار جهزوا احاسيسهم وبقو راجين بابكر , الدايرلو طاقية والداير لو سبحى والدايرلو منديل.
ويوم ما بابكر وصل, هديك يا الضبايح والزغاريد وناسا مارقة وناسا جاييا وحبوبة العافية وحبوبة سكينة قلدن بابكر وقعدن يبكن .
اليوم داك ناس بيتنا ما فضل فيهم زول الا حبوبتى العاجبة وقعدوا معاها جواهر تساعدا , والحلة انخمت كبارا وسغارا.
وجيت بالليل متراوحى للنوم , تقوم يالجواهر تسأل فينى وانا تعبانة ما فينى روح من الجرى والتنقيز .
أها شفتى بابكر ؟
ايىى شفتو ..
اها سمح ؟
واتى مالك بيه ياجواهر كان سمح كان شين وانا شن عرفنى
مالك زعلتى منى ما بسعل فيك سعال ومالك مابيى تقولى لى ؟
مانى ماببا لكنى ما تعبانة ودايرى انوم.
اها بابكر دا بشبه منو من ناس الحلة ؟
ياختى دا ولا بشبه ناس البلد..
وسمعت خالتى الرضية قالت امو ختالو اخلاص بت محمد عثمان من زمان
ياجواهر انت مالك بتسعلى فينى كتير كدى ..اها البابكر وقالو خاتنو لبت خالتو .
مالك بتشاكلينى يا آمنة بسعل فيك سعال ؟
اها البعرفو كلو قتو ليك..
من نشاطاتنا المتكررة ان نمشى بلد بى تحت , اجيب الحمار ى مع ابوى , شايلين القش والبرسيم , مرات نمشى انا وامى عرفة , مرات انا وجواهر.
مرة انا وجواهر سايقين الحمارى مع المغارب جايين على البيت يصادفنا بابكر , عاين لى عرفنى , قال لى ازيك آمنى , قلتو اهلا يا البابكر
قال لى دى منو دى المعاكى دى , قلتلو دى اختى الجواهر,
ازيك يا جواهر , زمان خليتك سغيرى والله كبرتى , سكتت وغتت وشها بالطرحى
قال لى يا آمنى انا جبتلك طرحة
طرحة ومعاها شيتا تانى تجى تشيليها
تانى يوم برضو يالبابكر تقابلنا فى نفس البكان , وبقى كل يوم يقابلنا و الجواهر تقول لى وهى تتبسم شفتيه سمح كيفن.
اليوم كان جمعة مغربية , نسمع دقة الباب قوية , نتصنت , نسمع حس ابوى على يسلم على على ود الفكى ومعاه عثمان وعم العطا , وضمرة ود جدى محمود , عوض جلاسىى ومعاه كم من زول تانى...
دخلوا البيت وابويا كورك لامى ..يا عرفى سوى الشاى ..
امى عرفة وقدت نار الشاى واللقيمات وقبال ما يجهزن سقيناهم الشربات .
قام عم العطا فتح الكلام , وقال لى ابوى دايرين بتك الجواهر لولدنا بابكر ...
قال لهم خير انشاء الله ما عندى مانع تب ..خلى النكلم البنية
ابوى على جا داخل علينا ونادى امى وقال يا عرفى اخوك على ود الفكى داير جواهر لولدو بابكر
وانا قلتلو خير ونادى جواهر وقال لها الكلام..
قامت عرفى قالتلو,, لكن ما ام الحسن خاتالو اخلاص , كيفن الكلام دا
قال لها انا قلتلو الكلام دى وقالوا البابكر قال اخلاص زى اختى واخلاص ذاتا قالت الكلام وما فى شى زاد غير انو ام الحسن قالت دا كلام زمان زمن الجنوى سغار.
اها رايك شنو يا جواهر ..
جواهر ضحكت وقالتلو , التشوفو انت يا با عديل
وعرفى قالت الفيه خير انشا الله يبقى الولد ولدنا وما عندنا اعز منو .
رجع ابوى وقال للناس خلاس مبروك وخير انشا الله.
مع قومة الجماعة وطلعتم من البيت نسمع ديك يالزغاريد فى بيت ام الحسن .. وبعد الشوية جاتنا زفة نسوان والزغاريد ضربت ملت البلد.
وجات ام الحسن وقلدت الجواهر وقالت ليها انا فرحانة ليك وللبابكر انشا الله الله يلمكم وببيت المال والعيال
نحن بندورك يالجواهر يا الدهب المجمر...
الله ليلي جات تندلى بالوديان عديله تمشي قدم ...قدم في المشيه ريله
كاحله بلا كحل بت القبيله
تشكي من الطريحه تقول تقيلش
نفيسك شمعوا جوه الفتيله
***
شن تشبه بلا الداسنو في بطن المطامير
يا قشيش نص الخلا الفوق في العتامير
البكر كر رعدو ديمه سماهو عكير
السمح مرعاك يا قش التحاجير
***
يا عجو المحس التقيل ...التقيل فدع العراجين
انت ما بدوك لي زولا مسيكين
الا واحدا نخلو مقرون في البساتين
حس سواقيهو يصحي الكانو نايمين
حليلك يا ام جبين يا بدر دورين
صديرك عام تقول غرر الوزازين
بدأت حلقات التحضير بالشيلة والشنطة , الفساتين والريحى اللينى واليابسى وسدوا المال وتحول بيتنا الى محفل نسائى مصغر للتفاكر حول ترتيبات العرس , تجهيزات العروس , ومنو من الحبوبات ونسوان الحلة اى زول يشوف تخسسو, الناس جونا من برا , لا عن ناس مروى جو, ناس ام درق , حبوبة السارة جات من كورتى تعمل الريحى , والجو من مقاسى والاراك وساقو جواهر وزوروها شيخ الاراك وشيخ البرصة, وقالو يحجبوها من العين تلات حجبات .
قلت لهم تسوقونى تحجبونى مع الجواهر , امى قالت لى وانتى شنو البحجبوك ليها ؟
كيمان الطلح والشاف ودق الريحة والتجهيزات زى سوق النسوان فى ساحة بيتنا الكبير , كانت تعجبنى كترة الناس وحركتهم واحيانا استعجالهم وكل واحدة تطلب شىء وكل واحدة عاملة مهمة وعايزا تورى امى عرفة انها قلبها على العرس اكتر منها.
ناس دق الحنى براهم وناس خلط الريحى براهم , وكتين السحابة تشيل وتقرب المطيرة تنزل الارياح تملا الحوش وتمرق لبعيد حتى الماشى فى الشارع يشم.وفندق الريحى
المهام موزعة بدقة ونظام على حسب الخبرات والتخصصات كل زولا فى مجالا البتعرف ليهو.
انا خيتو لى فستان جديد , خيتتو لى ليلى بت حبوبتى سكينة , جابوها مخسوس للعرس خاتا مكنتا السنجر جو الاوضة تفصل فى هدوم العروس .
جريت بلا شغلة لبيت ناس ام الحسن اشوفهم اسوو فى شنو, لقيت البيت ملان نسوان زى بيتنا , وقالو الليلى الحنى
خاتين عنقريب مخرتى كبير فى نص الحوش , مفرش بملاية قطيفى حمرا وقدام منو جنب تربيزة الرتينى
صحن كبير مليان حنى وعشرة شمعات من فوق ليها , وصحين مويى وصحين محلبيى.وصحن تمر دفيق
حبوبة العريس قاعدا للا فوق هباب قالو جابوها من البركل , اسمها بخيتى اتباركوبا عشان تحضر الحنة وتجرتق العريس, كان يوم داك يوم اول الحنة , اتحننو اصحاب العريس , وانا مديت ايدياتى اللتنين حننونهن لى .
ويوم العرس جابو الرتاين من كورتى وقطعوا البحر وجابو فنان من كريمى .
بعد حنة التالتة جابو العشا ورصو صفر الضلع , والناس اتكفو .
و كانت السما صافية وضو الرتاين زايدو زينة ,
اولاد الحلى لابسين جلاليب بيض وواقفين صفوف وصفوف والفنان ينقرش فى الطنبور والبنات يتضايرن , والاولاد يجهزو فى طابور الرقيص , وكتين الفنان رمى الرمية , كل زول قعد فى بكانو والوقف وقف , لحظات وقامت عجاجة الحفلة ,,
, كان الدليب ينضم ,
والطنبور يرصرص فى الكلام ,
والقليب يحقص تقول بندول,
دا يوم فرحك سعيد يازول ,
ابشرى يالعروس , سوى اللول وسوى اللول.
رزم الصفقة والتبة ليهو صدى..
ونزلن بنات الفريق ,
يعومن زى جنا الوزين
, يتجدعن زى نسمة شايلا موج .
**************
كان عرضا اوبراليا فخيما , حيا على مسرح الواقع
اضفت عليه نزلة الحبوبات للرقيص لونا اسطوريا ساحرا ,
حرك فى الحفلة مرحلة ما بعد الفرح , وايقظ البعد السابع للحياة ,
كنت مذهولة مما يجرى , مشاعرى مسكونة بخليط هائل من الاحاسيس , تتقافز فوق بعضها ,
تتواثب الى التالى الذى لم يأت بعد..
كانت صباحات تلك الايام تبدأ بمراسيل الدكان , وطلبات الحبوبات الخاصة والحقق بالوانها واشكالها التى تعبر عن امزجة صاحباتها.
فى الطريق , تقول لى امانى :- تعالى يا امنى نجرب الشىء دى , وفعلا بلعتها وراسى داخ والطراش بدا
لا احرا ولا ادرا الاحبوبتى العاجبى جنبى بفنجان قهوة معصور فيها ليمون , شربتها حتين بقيت كويسى.
جريت لامى قلت لا انا دايرا اقص شعرى زى ناديى بت عبد الرحمن الجايى من الخرتوم , قالت لى ما بعرف اسوى القصى امشى لناديى.
فى الليل فرشو العنقريب بالقطيفى المطرزة بالحرير , وفوقا فركة القرمصيص , وتحت منها فى الواطى برش المخمس مطرز بقش القمح بلونو الذهبى ومزركش بايقونات من الحنقوق.
حبوبة الجاييى من الزومة حارسى صينية الريحة والضريرة و كانت سعيدة وتزغرد كل ما زول قرب منها
الصينية فيها حقين كبار وجرتق وحقين صغار للصندل المدقوق وزيت الخمرة , سبحة اليسر ,و سبحة الياقوت بى سوميتا منضومة بالخرز الفارسى , وهلال دهب منضوم فى ايشارب احمر , وكوريتين للكركار والدلكة وفتيل فلير دمور وبت السودان , كباية لبن .
جابوا جواهر العروس من فوقا فركة قرمصيص , سايقاها النيى بت عمى عمر وجنبها حبوباتى ينشن فى البخور وقافلة من البنوت وراهن والزغاريد تقول يا ليل.
لبسوها الفدو ولية الدهب والزمام , والحنة لوحة الف ليلة وليلة مع الفستان , الحجل يرقش والناس فى نص الزغاريد تقول ما شا الله..وشبكة الذهب تلمع على راسا مع ضو الرتاين .
العريس جا فى زفة راكب فوق حصان مزين بالورود والحبوبات معاهو بالعديل والزين , رميات باصوات مختلفة يتخللها عنفوان الزغاريد .
تحرك موكب العريس والعروس , نزلوا البحر ورشو ا جواهر بالموية , واصحاب العريس اتنافسوا فى طلوع النخل كل يريد ان ان يسلم الجريد لصاحبه قبل الاخر , ثم عادت الزفة من البحر بجريد النخل , عنفوان الزغاريد , ومجادعات العديل والزين بين حبوبات العريس وحبوبات العروس.
دخلت الزفة حوش بيتنا لمن ضاق المحل ,
بعداك جابو العربات والناس سارت على البركل وساروا على شيخ البركل وشيخ البرصة وبدت الحبوبات دعوات
المال والعيال ومجادعات الكلام الزين.
رجعت السيرة للبيت
قعدوا العريس والعروس على العنقريب الكبير , وجات امى عرفة شايلة مبخر كبير جمرو يوجوج ودخانو عالق شايل السما , دنقرت ولفت العروس والعريس بفركة القرمصيص وبخرتهم ودعت ليهم , ندهت كل الاوليا والصالحين .
كنت قاعدة على الواطة فى التراب و متربة ومغبشة.
ووكتين البخور تم , كانت رمية الحفلة كملت مقطعا الاول , ورن الطنبور
اخذ العريس الريحة ورش الناس , وكأن السماء كانت تمطر عطرا
وأوقفت العروس على برش المخمس المزركش , وحين رفع عنها غطاء القرمصيص , شهق الناس وكأنهم امام حلم اسطورى بنكهة ازلية , اخذت العروس صولتها الاولى , ثم توالى الحفل لبقية العالمين, وتكاثفت الزحمة وارتفع غبار الارض وعانق الليل صدى الطنبور .
وفى خلسة انسحب العريس بعروسه الى مكان ما
بارض الحب , ارض الخير, ارض العطاء كاهلها الطيبين
ارض الدليب , ارض الطنبور, ارض النخيل والسواقى التنوح فى عز الليل تغنى,
هى ديار الشايقية العامرة بتاريخها وبتراثها الزاخر كالا لماظ الناصع .
حبى لهذه الارض الجميلة منذ كنت طفلة يافعة , عشت فى قرية يحدها النيل من الجانب الغربى, وجبل كلون كاكول من الجهة الشرقية وتحفها من ناحية النهر النخيل و السواقى .قرية امدرق هذه القرية الجميلة الى ناحية الشرق من قريتنا والى الشمال مدينة البرصة.
اعيش فى بيت يغمره الخير والحب والعطاء, ابوى على وامى عرفة هما سقف بيتنا الذى اعتمر باربع اخوات واخوين, كنت الصغيرة بين البنات والفرق بينى وبين اختى جواهر 12 سنة.
اتذكر الحلة كلها , كانت كاسرة واحدة , لا يكاد فرد منهم ينقطع عن بيتنا الكبير الا اذا كان مريضا او على حالة سفر
كانت الراكوبة التى تتوسط الحوش مفتوحة على جوانبها فيها اربعة عناقريب هباب ودوكة عواسة على الطرف .
عادة يبدا يومى منذ الصباح بالذهاب الى المدرسة مع امانى وامل وحنان.
يجن غاشياتنى ونتقاود على المدرسة.
كانت ناطرتنا اسمها امنة بت حجر اهلها من الحلة الجنبنا, كانت صعبة وقاسية, بعكس مدرستنا الاسمها السيدة , كانت لطيفة , ظريفة ومحبوبة.
نهاية المدرسة مع بداية الضهرية, اجى راجعى البيت القى نسوان الحلة متلمات فى بيتنا فوق القهوة , داك يا بكرى وداك ياتنى وداك ياتلتاوى والبركة , ضاربات الهمبريب , راصات الهبابات لصق بعض , امى عرفة ست القلوة واميرة الجلسة, وجنبها زينب بت الحرم ترمى فى الودع , وبخور التيمان مشعلق فى الهوا.
ابوى على دائما كان يجى قريب التلتاوى ومعاه عمى سعد وحاج احمد ,محمود اسماعيل, مرات اجو متأخرين القو الجبنة فاتتن.
كنت مع بعض صبيات الحى تعجبنا ريحة القلوة ونجرى لامى عرفة تشممنا زى ما بتشمم الكبار , وتلفح دخان القهوة بايدها فى اتجاهى وهى تدعو لى بالخير والبركة, ونرجع نواصل اللعب فى طرف الراكوبة.
تلك كانت لوحة بيتنا فى بيئة القرية وصورة مجتمعنا بروعة اهله وتماسكهم وبساطة حياتهم فى حب وود .
اخواتى الكبار متزوجات اتنين منهن فى الخرطوم واتنين فى البلد, اما اخوانى عبد العزيز فى الخرطوم وعثمان برا البلد .
الترابط الاسرى متين وحب الناس فيما بينهم يزداد فى كل مناسبة اجتماعية , اهل القرية يتشاركون حتى السمر والقصص المتبادلة .يتشاركون فى هموم بومهم وغدهم , يفكرون فى المسافر البعيد الذى لم يبعث بخطاب , والمسافر القريب الذى ترك الولد والاحباب , واخبار عودة الغايبين حلم الاهل وفرح كل القرية حتى الصغار الذين لم يعرفو عن الغائب الا اسمه , لكن العائد من السفر كمن يحيى املا ما لدى الاهل ويبشر بشىء ما لكل فرد من افراد القرية .
وفى عز هذه الحكاوى تتواتر الونسة عن ود ابوى على ود الفكى ود الجيران الذى اغترب فى السعودية لاكثر من ست سنوات وانه على وشك الحضور .
سمعنا انو البابكر جايى بعد غربة طويلة , والدليل ناس ابوى على ود الفكى يجلطوا فى بيت الطين , وامو كلمت ناس الحلة .ومحاسن بت فتح الرحمن طلقت الخبر بيت بيت ما خلت زولا ما عرف. حتى الشفع الصغار جهزوا احاسيسهم وبقو راجين بابكر , الدايرلو طاقية والداير لو سبحى والدايرلو منديل.
ويوم ما بابكر وصل, هديك يا الضبايح والزغاريد وناسا مارقة وناسا جاييا وحبوبة العافية وحبوبة سكينة قلدن بابكر وقعدن يبكن .
اليوم داك ناس بيتنا ما فضل فيهم زول الا حبوبتى العاجبة وقعدوا معاها جواهر تساعدا , والحلة انخمت كبارا وسغارا.
وجيت بالليل متراوحى للنوم , تقوم يالجواهر تسأل فينى وانا تعبانة ما فينى روح من الجرى والتنقيز .
أها شفتى بابكر ؟
ايىى شفتو ..
اها سمح ؟
واتى مالك بيه ياجواهر كان سمح كان شين وانا شن عرفنى
مالك زعلتى منى ما بسعل فيك سعال ومالك مابيى تقولى لى ؟
مانى ماببا لكنى ما تعبانة ودايرى انوم.
اها بابكر دا بشبه منو من ناس الحلة ؟
ياختى دا ولا بشبه ناس البلد..
وسمعت خالتى الرضية قالت امو ختالو اخلاص بت محمد عثمان من زمان
ياجواهر انت مالك بتسعلى فينى كتير كدى ..اها البابكر وقالو خاتنو لبت خالتو .
مالك بتشاكلينى يا آمنة بسعل فيك سعال ؟
اها البعرفو كلو قتو ليك..
من نشاطاتنا المتكررة ان نمشى بلد بى تحت , اجيب الحمار ى مع ابوى , شايلين القش والبرسيم , مرات نمشى انا وامى عرفة , مرات انا وجواهر.
مرة انا وجواهر سايقين الحمارى مع المغارب جايين على البيت يصادفنا بابكر , عاين لى عرفنى , قال لى ازيك آمنى , قلتو اهلا يا البابكر
قال لى دى منو دى المعاكى دى , قلتلو دى اختى الجواهر,
ازيك يا جواهر , زمان خليتك سغيرى والله كبرتى , سكتت وغتت وشها بالطرحى
قال لى يا آمنى انا جبتلك طرحة
طرحة ومعاها شيتا تانى تجى تشيليها
تانى يوم برضو يالبابكر تقابلنا فى نفس البكان , وبقى كل يوم يقابلنا و الجواهر تقول لى وهى تتبسم شفتيه سمح كيفن.
اليوم كان جمعة مغربية , نسمع دقة الباب قوية , نتصنت , نسمع حس ابوى على يسلم على على ود الفكى ومعاه عثمان وعم العطا , وضمرة ود جدى محمود , عوض جلاسىى ومعاه كم من زول تانى...
دخلوا البيت وابويا كورك لامى ..يا عرفى سوى الشاى ..
امى عرفة وقدت نار الشاى واللقيمات وقبال ما يجهزن سقيناهم الشربات .
قام عم العطا فتح الكلام , وقال لى ابوى دايرين بتك الجواهر لولدنا بابكر ...
قال لهم خير انشاء الله ما عندى مانع تب ..خلى النكلم البنية
ابوى على جا داخل علينا ونادى امى وقال يا عرفى اخوك على ود الفكى داير جواهر لولدو بابكر
وانا قلتلو خير ونادى جواهر وقال لها الكلام..
قامت عرفى قالتلو,, لكن ما ام الحسن خاتالو اخلاص , كيفن الكلام دا
قال لها انا قلتلو الكلام دى وقالوا البابكر قال اخلاص زى اختى واخلاص ذاتا قالت الكلام وما فى شى زاد غير انو ام الحسن قالت دا كلام زمان زمن الجنوى سغار.
اها رايك شنو يا جواهر ..
جواهر ضحكت وقالتلو , التشوفو انت يا با عديل
وعرفى قالت الفيه خير انشا الله يبقى الولد ولدنا وما عندنا اعز منو .
رجع ابوى وقال للناس خلاس مبروك وخير انشا الله.
مع قومة الجماعة وطلعتم من البيت نسمع ديك يالزغاريد فى بيت ام الحسن .. وبعد الشوية جاتنا زفة نسوان والزغاريد ضربت ملت البلد.
وجات ام الحسن وقلدت الجواهر وقالت ليها انا فرحانة ليك وللبابكر انشا الله الله يلمكم وببيت المال والعيال
نحن بندورك يالجواهر يا الدهب المجمر...
الله ليلي جات تندلى بالوديان عديله تمشي قدم ...قدم في المشيه ريله
كاحله بلا كحل بت القبيله
تشكي من الطريحه تقول تقيلش
نفيسك شمعوا جوه الفتيله
***
شن تشبه بلا الداسنو في بطن المطامير
يا قشيش نص الخلا الفوق في العتامير
البكر كر رعدو ديمه سماهو عكير
السمح مرعاك يا قش التحاجير
***
يا عجو المحس التقيل ...التقيل فدع العراجين
انت ما بدوك لي زولا مسيكين
الا واحدا نخلو مقرون في البساتين
حس سواقيهو يصحي الكانو نايمين
حليلك يا ام جبين يا بدر دورين
صديرك عام تقول غرر الوزازين
بدأت حلقات التحضير بالشيلة والشنطة , الفساتين والريحى اللينى واليابسى وسدوا المال وتحول بيتنا الى محفل نسائى مصغر للتفاكر حول ترتيبات العرس , تجهيزات العروس , ومنو من الحبوبات ونسوان الحلة اى زول يشوف تخسسو, الناس جونا من برا , لا عن ناس مروى جو, ناس ام درق , حبوبة السارة جات من كورتى تعمل الريحى , والجو من مقاسى والاراك وساقو جواهر وزوروها شيخ الاراك وشيخ البرصة, وقالو يحجبوها من العين تلات حجبات .
قلت لهم تسوقونى تحجبونى مع الجواهر , امى قالت لى وانتى شنو البحجبوك ليها ؟
كيمان الطلح والشاف ودق الريحة والتجهيزات زى سوق النسوان فى ساحة بيتنا الكبير , كانت تعجبنى كترة الناس وحركتهم واحيانا استعجالهم وكل واحدة تطلب شىء وكل واحدة عاملة مهمة وعايزا تورى امى عرفة انها قلبها على العرس اكتر منها.
ناس دق الحنى براهم وناس خلط الريحى براهم , وكتين السحابة تشيل وتقرب المطيرة تنزل الارياح تملا الحوش وتمرق لبعيد حتى الماشى فى الشارع يشم.وفندق الريحى
المهام موزعة بدقة ونظام على حسب الخبرات والتخصصات كل زولا فى مجالا البتعرف ليهو.
انا خيتو لى فستان جديد , خيتتو لى ليلى بت حبوبتى سكينة , جابوها مخسوس للعرس خاتا مكنتا السنجر جو الاوضة تفصل فى هدوم العروس .
جريت بلا شغلة لبيت ناس ام الحسن اشوفهم اسوو فى شنو, لقيت البيت ملان نسوان زى بيتنا , وقالو الليلى الحنى
خاتين عنقريب مخرتى كبير فى نص الحوش , مفرش بملاية قطيفى حمرا وقدام منو جنب تربيزة الرتينى
صحن كبير مليان حنى وعشرة شمعات من فوق ليها , وصحين مويى وصحين محلبيى.وصحن تمر دفيق
حبوبة العريس قاعدا للا فوق هباب قالو جابوها من البركل , اسمها بخيتى اتباركوبا عشان تحضر الحنة وتجرتق العريس, كان يوم داك يوم اول الحنة , اتحننو اصحاب العريس , وانا مديت ايدياتى اللتنين حننونهن لى .
ويوم العرس جابو الرتاين من كورتى وقطعوا البحر وجابو فنان من كريمى .
بعد حنة التالتة جابو العشا ورصو صفر الضلع , والناس اتكفو .
و كانت السما صافية وضو الرتاين زايدو زينة ,
اولاد الحلى لابسين جلاليب بيض وواقفين صفوف وصفوف والفنان ينقرش فى الطنبور والبنات يتضايرن , والاولاد يجهزو فى طابور الرقيص , وكتين الفنان رمى الرمية , كل زول قعد فى بكانو والوقف وقف , لحظات وقامت عجاجة الحفلة ,,
, كان الدليب ينضم ,
والطنبور يرصرص فى الكلام ,
والقليب يحقص تقول بندول,
دا يوم فرحك سعيد يازول ,
ابشرى يالعروس , سوى اللول وسوى اللول.
رزم الصفقة والتبة ليهو صدى..
ونزلن بنات الفريق ,
يعومن زى جنا الوزين
, يتجدعن زى نسمة شايلا موج .
**************
كان عرضا اوبراليا فخيما , حيا على مسرح الواقع
اضفت عليه نزلة الحبوبات للرقيص لونا اسطوريا ساحرا ,
حرك فى الحفلة مرحلة ما بعد الفرح , وايقظ البعد السابع للحياة ,
كنت مذهولة مما يجرى , مشاعرى مسكونة بخليط هائل من الاحاسيس , تتقافز فوق بعضها ,
تتواثب الى التالى الذى لم يأت بعد..
كانت صباحات تلك الايام تبدأ بمراسيل الدكان , وطلبات الحبوبات الخاصة والحقق بالوانها واشكالها التى تعبر عن امزجة صاحباتها.
فى الطريق , تقول لى امانى :- تعالى يا امنى نجرب الشىء دى , وفعلا بلعتها وراسى داخ والطراش بدا
لا احرا ولا ادرا الاحبوبتى العاجبى جنبى بفنجان قهوة معصور فيها ليمون , شربتها حتين بقيت كويسى.
جريت لامى قلت لا انا دايرا اقص شعرى زى ناديى بت عبد الرحمن الجايى من الخرتوم , قالت لى ما بعرف اسوى القصى امشى لناديى.
فى الليل فرشو العنقريب بالقطيفى المطرزة بالحرير , وفوقا فركة القرمصيص , وتحت منها فى الواطى برش المخمس مطرز بقش القمح بلونو الذهبى ومزركش بايقونات من الحنقوق.
حبوبة الجاييى من الزومة حارسى صينية الريحة والضريرة و كانت سعيدة وتزغرد كل ما زول قرب منها
الصينية فيها حقين كبار وجرتق وحقين صغار للصندل المدقوق وزيت الخمرة , سبحة اليسر ,و سبحة الياقوت بى سوميتا منضومة بالخرز الفارسى , وهلال دهب منضوم فى ايشارب احمر , وكوريتين للكركار والدلكة وفتيل فلير دمور وبت السودان , كباية لبن .
جابوا جواهر العروس من فوقا فركة قرمصيص , سايقاها النيى بت عمى عمر وجنبها حبوباتى ينشن فى البخور وقافلة من البنوت وراهن والزغاريد تقول يا ليل.
لبسوها الفدو ولية الدهب والزمام , والحنة لوحة الف ليلة وليلة مع الفستان , الحجل يرقش والناس فى نص الزغاريد تقول ما شا الله..وشبكة الذهب تلمع على راسا مع ضو الرتاين .
العريس جا فى زفة راكب فوق حصان مزين بالورود والحبوبات معاهو بالعديل والزين , رميات باصوات مختلفة يتخللها عنفوان الزغاريد .
تحرك موكب العريس والعروس , نزلوا البحر ورشو ا جواهر بالموية , واصحاب العريس اتنافسوا فى طلوع النخل كل يريد ان ان يسلم الجريد لصاحبه قبل الاخر , ثم عادت الزفة من البحر بجريد النخل , عنفوان الزغاريد , ومجادعات العديل والزين بين حبوبات العريس وحبوبات العروس.
دخلت الزفة حوش بيتنا لمن ضاق المحل ,
بعداك جابو العربات والناس سارت على البركل وساروا على شيخ البركل وشيخ البرصة وبدت الحبوبات دعوات
المال والعيال ومجادعات الكلام الزين.
رجعت السيرة للبيت
قعدوا العريس والعروس على العنقريب الكبير , وجات امى عرفة شايلة مبخر كبير جمرو يوجوج ودخانو عالق شايل السما , دنقرت ولفت العروس والعريس بفركة القرمصيص وبخرتهم ودعت ليهم , ندهت كل الاوليا والصالحين .
كنت قاعدة على الواطة فى التراب و متربة ومغبشة.
ووكتين البخور تم , كانت رمية الحفلة كملت مقطعا الاول , ورن الطنبور
اخذ العريس الريحة ورش الناس , وكأن السماء كانت تمطر عطرا
وأوقفت العروس على برش المخمس المزركش , وحين رفع عنها غطاء القرمصيص , شهق الناس وكأنهم امام حلم اسطورى بنكهة ازلية , اخذت العروس صولتها الاولى , ثم توالى الحفل لبقية العالمين, وتكاثفت الزحمة وارتفع غبار الارض وعانق الليل صدى الطنبور .
وفى خلسة انسحب العريس بعروسه الى مكان ما